جيل جديد

أمجد المصري – كانون اول ، 2021

دفعني لكتابة هذا المقال السريع نتيجة الاحداث التي ظهرت في الآونة الأخيرة، وتداول الكثيرون تساؤلات حول اسباب انحرافات الشباب وتصرفاتهم غير المسؤولة سواء من احداث الاشتباك والاقتتال التي كان آخرها الحادث المؤسف في الجامعة الامريكية في جنين، وسبقها أحداث مماثلة في الخليل وغيرها مرورا بظواهر التحرش والابتزاز من الجنسين، وعدم احترام النظام والغش وغيرها.

التساؤل مشروع ومنطقي، والاجابة عليه من وجهة نظري تحمل ثلاثة أبعاد، فالطفل حتى يصبح شابا يعيش في ثلاثة منظومات وهي البيت والمدرسة والحياة العامة.

البيت:

بيئة البيت لم تعد البيئة المربية كما عهدناها، في الماضي عندما كانت المرأة تمارس وظيفة الامومة، كانت تمنح اطفالها الحب والحنان والتوازن العاطفي وتغرس فيهم القيم الدينية والأخلاق.

في الوقت الحاضر أصبح دور الامومة أقل فاعلية في ظل انصراف كثير من النساء الى سوق العمل سواء مضطرة الى ذلك او برغبتها، ويرى علماء اجتماع واخصائيين نفسيين أن غياب الامومة وضعف دورها يحدث خللا في مفهوم الأمان لدى الطفل ونقص في العواطف والمشاعر تظهر آثاره في سن المراهقة ، وأن صعوبة التوفيق بين العمل ودور الام يؤدي لحالة من الارتباك الاجتماعي.

الحديث هنا لا يدور حول ضد او مع عمل المرأة، بقدر ما هو توضيح بأن غياب دور الامومة او قصوره هو أحد الأسباب البارزة ، والحضانات لا تمثل بديلا عن دور الام، والادعاء ان المرأة العاملة توفق بين عملها وتربية أبنائها أثبت عدم واقعيته.

الطفل في المدرسة:

 وهنا يأتي دور التربية والتعليم، من المعلوم ان اهم الركائز الرئيسية في مكونات التربية والتعليم هو المنهاج . والمنهاج يخطئ بفهمه كثير من الناس، فعندما يتم الحديث عن المنهاج تذهب الصورة الذهنية نحو الكتب المدرسية، وهذا ليس صحيحا ، فالمنهاج يقصد به فلسلفة الدولة في بناء الانسان المؤمن بدينه وقيمه وقضاياه الوطنية، والمسلح بالعلم والمعرفة والقادر على التعاطي مع التطور العلمي وتوظيفه في خدمة ونهضة بلاده …. الخ . أي ان التربية والتعليم تشبه الجهاز أو الماكنة مُدخلها طفل جاهل في السادسة ومخرجها شاب في الثامنة عشرة يحمل قيما وعلماً ورسالة. وحتى نحصل على هذا المخرج ، فان المنهاج يشمل البيئة المدرسية الجاذبة والآمنه، والمعلم الكفؤ والرضى الوظيفي له وتطوير قدراته، والوسائل التعليمية والتقنيات التربوية والكتب المدرسية والأنشطة التربوية والاجتماعية وحتى الأثاث المدرسي. فجميع هذه المكونات تشكل منظومة تصنع الانسان المطلوب اذا تم تفعيلها بالشكل الصحيح.

في الحياة العامة  ( دور الدولة) :

يتأثر الافراد بمحيطهم ومجتمعهم ، وهنا يأتي دور الدولة التي تضع الأنظمة والقوانين التي تحرص على راحة المواطن وتسهيل حياته ، فهي مسؤولة عن تأمين الحماية والعمل، ودخل يكفي لعيش كريم يعفي جميع افراد الاسرة من الخروج لتأمين لقمة العيش وتفعيل دور الامومة والحياة الاسرية المستقرة، وتوفير الرفاهية والأمان والبيئة النظيفة.. الخ، وبنفس الوقت تشديد الرقابة على التعليم والسلم المجتمعي وتطبق القوانين على كل مناحي الحياة وتلزم الجميع باحترام النظام العام.

والحديث يطوول .